بعد إعلان روسيا الاتحادية عن اعترافها باستقلال إقليمي دونيتسك و لوغانسك عن جمهورية أوكرانيا, و الشروع في القيام بعمليات عسكرية كبيرة داخل الأراضي الأوكرانية, قامت الدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية مختلفة على جمهورية روسيا.
فقد فرضت كل من أمريكا الاتحاد الأوروبي بريطانيا ألمانيا كندا و دول أخرى عقوبات اقتصادية و مالية على الأشخاص و المؤسسات الروسية. وقد تمثلت هذه العقوبات في تقييد وصول روسيا إلى المؤسسات المالية بلندن عبر منع البنوك الروسية كمصرف البنك الزراعي الروسي, من القيام بالعمليات المالية في بريطانيا ومنعها من التعامل بالجنيه الاسترليني. كما قامت أمريكا و اليابان بتجميد أصول تفوق 70 مليار دولار تخص أكبر المؤسسات المالية و البنوك الروسية وعلى رأسها أكبر بنكين روسيين سبيربنك و VTB.
كما شملت العقوبات مؤسسات روسية كثيرة أخرى في قطاع المعادن الطاقة النقل الشحن التأمين إلخ كمؤسسة التنمية و الشؤون الاقتصادية الخارجية VEB.
و قد تم تجميد العمل بنورد ستريم 2 للغاز الطبيعي من طرف ألمانيا ورفض التعامل مع شركتي الطاقة غازبروم و روسنفت الروسيتين , إضافة إلى عقوبات طالت سوق الدين السيادي الروسي و قطاع التكنولوجيا عالية التقنية كرقائق أشباه الموصلات التي تدخل في صناعات كثيرة.
بالإضافة إلى العقوبات المفروضة على روسيا لحد الساعة, لا زالت الدول الغربية تبحث على إخراج روسيا من نظام سويفت للإتصالات المالية و نقل الأموال بين الدول و الذي يظم أزيد من 10 ألف مؤسسة مالية معظمها بنوك عالمية, مما سيصعب المهمة على الأبناك الروسية و يقيد عملها في كل ما يخص استخدام و تحويل العملات العالمية ,خاصة الدولار اليورو الين و الجنيه الاسترليني, مع شراكائها التجاريين و الماليين .
فالمبادلات التجارية الروسية مع الخارج فاقت قيمتها 900 مليار دولار سنة 2019, شكلت منها الصادرات أزيد من 550 مليار دولار؛ هذا دون الحديث عن حجم و أنواع الأموال الأخرى التي تدخل و تخرج من البلد كل يوم كالاستثمارات المباشرة الخارجية و التحويلات المالية بين الأفراد.
وقد بدأت عواقب الحرب و العقوبات الاقتصادية تظهر بشكل جلي على الاقتصاد الروسي؛ فقد تم إيقاف التداول في بورصة موسكو بعد خسارتها لأزيد من %10 من قيمتها في أول الأمر, ثم سرعان ما انخفض مؤشر بورصة موسكو آر تي اس بأزيد من %30 بعد استئناف التداول. كما فقد الروبل الروسي أزيد من %10 من قيمته, مما دفع البنك المركزي الروسي إلى التدخل في سوق الصرف للدفاع عن الروبل و جعل قيمته مستقرة. كما ارتفع مؤشر الخوف الروسي بأزيد من %36.
لكن تداعيات الحرب على أوكرانيا لم و لن تبقى مقتصرة على دولة روسيا فقط, فقد تراجعت البورصات الأمريكية عند بداية التدولات لكن سرعان ما صححت هذا التراجع؛ كما تراجعت الأسواق و البورصات الأوروبية خاصة مؤشرات الداكس 40 الألماني و الفوتسي 100 البريطاني و الكاك 40 الفرنسي و الفوتسي الإيطالي. كما تراجعت مؤشرات الأسواق الأسيوية و العربية خلال تعاملات اليوم الخميس الموافق ل 24 فبراير لسنة 2022, إضافة إلى ارتفاع عقود أسعار النفط التي قفزت إلى أزيد من 105 دولار للبرميل, وأسعار الذهب التي تجاوزت 1975 دولار للأونصة قبل أن تعود إلى مستويات 1905 دولار قبل الإغلاق.
وقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي لروسيا سنة 2013 أزيد من 2 تريليون دولار أمريكي بعد استفادة الاقتصاد الروسي من ارتفاع أسعار الطاقة في السوق الدولي سنة 2013, باعتبار أن روسيا أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم و تحتل المرتبة الثانية بالنسبة لصادرات النفط الخام كذلك.
سنة 2021, بلغ الناتج المحلي الإجمالي الروسي حوالي 1.7 تريليون دولار بالقيمة الإسمية و 4.3 تريليون دولار بتعادل القوة الشرائية, كما تشكل الموارد الطبيعية أزيد من نصف الاقتصاد الروسي حيث تزخر الأراضي الروسية بثروات طبيعية كبيرة كمصادر الطاقة والمعادن لشساعة مساحتها. وتعتبر روسيا ثاني مصدر للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة, و يتميز الاقتصاد الروسي بصناعته الثقيلة و الدقيقة خاصة الصناعات العسكرية و الفضائية. ويأتي الاتحاد الأوروبي على رأس الشركاء الاقتصاديين لروسيا حيث يستحوذ الإتحاد الأوروبي و بريطانيا معا على حوالي نصف صادرات روسيا و %40 من وارداتها, كما يشكل الغاز الروسي حوالي نصف استهلاك ألمانيا للغاز الطبيعي .
تعليقات
إرسال تعليق