يندرج علم الاقتصاد ضمن العلوم الاجتماعية, و يهتم بدراسة كيفية قيام المجتمعات و الدول بتدبير الموارد المحدودة بصورة عقلانية.
يمكن استخدام مصطلح الاقتصاد السياسي أو التحليل الاقتصادي للإشارة لعلم الاقتصاد الذي ظهر عند الإغريق قبل الميلاد, و الذي كان يقصد به قوانين إدارة المنزل أو الدولة المدينة.
قام اقتصاديون كثر بإعطاء تعاريف مختلفة لعلم الاقتصاد. و يبقى تعريف علم الاقتصاد ك"علم إدارة الثروات و الموارد المحدودة بطريقة عقلانية "أحد اهم التعاريف الشاملة و البسيطة لعلم الاقتصاد.
2. أهم مبادئ الاقتصاد الجزئي
غالبا ما نلخص مبادئ علم الاقتصاد في عشرة مبادئ رئيسية, بعضها يتعلق بالاقتصاد الجزئي و البعض الآخر يخص الاقتصاد الكلي.
سنحاول من خلال هذا المقال المختصر التطرق إلى المبادئ الأساسية للاقتصاد الجزئي الذي يهتم بدراسة السلوك الاقتصادي للمستهلك و المنتج و كيفية ترجمة هذه السلوكيات في أسوق السلع و الخدمات من خلال قانون العرض والطلب.
1. الإنسان يحتاج إلى خلق الثروات ليعيش
الاحتياجات البشرية وقيمة الموارد المحدودة
قام الفيلسوف و عالم النفس الأمريكي ماسلو بتصنيف و شرح مختلف حاجيات الإنسان في ما سمي بهرم ماسلو, فقد رتب الحاجيات الأساسية للبشر من أكثر أهمية كالحاجيات الفسيولوجية المختلفة من أكل شرب و نوم إلى حاجيات أقل أهمية كالانتماء الطبقي و تحقيق الذات.
حسب المدرسة الليبرالية الاقتصادية, يحاول علم الاقتصاد في الأساس التغلب على مشكل الندرة, لكون أن حاجيات الإنسان كثيرة و متنوعة بينما الموارد محدودة أو يصعب استغلالها كلها بصورة عقلانية.
يعتبر مفهوم القيمة من بين المفاهيم الاقتصادية المعقدة التي اختلف عليها كبار علماء الاقتصاد. دون الدخول في كل التفاصيل الكثيرة لمفهوم القيمة, يمكن القول أن عملية إنتاج السلع و الخدمات هي في الحقيقة إنتاج للمنفعة. فالمنتج الغير النافع للأفراد لا قيمة له من الناحية النظرية, لهذا لا أحد يهتم مثلا بجمع الحجارة من الشارع و إعادة بيعها.
فكل منتج له قيمة استعمال أو استخدام مادام أنه يصلح لتلبية حاجيات معينة من حاجيات الإنسان المتعددة. نفس المنتج يتوفر على قيمة التبادل مادام يمكن بيعه في السوق بمقابل حقيقي؛ فحجارة الشارع لديها قيمة استخدام لكنها تفتقد إلى قيمة التبادل لكونها موجودة بكثرة في كل مكان و بالمجان (بطبيعة الحال, حجارة الشارع قد تصبح لها قيمة تبادل إذا قام شخص ما مثلا بالبحث أو طلب عدد كبير من الحجارة لاستخدامها في البناء).
لكن كيف سنحدد قيمة تبادل السلع و الخدمات؟
قيمة العمل و قيمة المنفعة
يمكن تعريف مفهوم قيمة العمل بالمدة الزمنية الضرورية لإنتاج سلعة معينة, فإذا كانت صناعة طائرة مثلا تتطلب وقتا أكبر من وقت صناعة سيارة فقيمة الطائرة يجب أن تكون أعلى من قيمة السيارة. لذلك اعتبر العالم الأمريكي بنجامين فرانكلين أن الوقت يساوي المال.
اتجه علماع الاقتصاد الكلاسيكيون الجدد إلى اعتبار أن قيمة الأشياء لا يحددها فقط الوقت الضروري لإنتاجها, بل كذلك ما أطلق عليه بقيمة المنفعة الحدية, فبعض السلع قد تحتاج إلى وقت كبير لإنتاجها لكن قيمتها السوقية تبقى أقل من قيمة سلع و خدمات أخرى تتطلب وقتا أقل; لذلك اعتبر النيوكلاسيكيون أن القيمة الاقتصادية للسلع و الخدمات تحددها المنفعة التي توفرها تلك السلع و الخدمات عبر تبادلها في سوق تنافسية و مفتوحة, أي أن القيمة الاقتصادية للأشياء القابلة للتبادل أو البيع تساوي سعر السوق الذي يقبله المشتري مقابل اقتنائه لسلعة أو استفادته من خدمة معينة, و هو ما أطلق عليه البعض السعر السيكولوجي.
لذلك, السعر ليس إلا ترجمة و تعبير عن قيمة السلع و الخدمات القابلة للتبادل في السوق.
اعتمد بعد الاقتصاديين على مفهوم المنفعة الحدية لتفسير مفارقة الماء و الماس, فرغم أن الماء ضروري جدا لحياة الإنسان إلا أن سعره يكاد يقترب من الصفر عكس الألماس الذي قد يساوي ملايين الدولارات للماسة الواحدة علما أن قيمة الماس النفعية لا تقارن بالقيمة النفعية للماء, لأن الماء عنصر غير نادر عكس الماس. فالقيمة الاقتصادية لأي منتج تحدد حسب المنفعة الحدية الهامشية النهائية حيث أن القيمة النفعية لأي سلعة تنخفض كلما ارتفع الاستهلاك, لذلك تعتبر المنفعة الحدية, أي مستوى الإشباع الذي توفره آخر وحدة, أهم محدد للقيمة الاقتصادية عند المدرسة النيوكلاسيكية .
2. تبادل السلع و الخدمات في السوق
المحاسبة الوطنية توضح كيف تنتقل السلع و الخدمات من المنتج إلى المستهلك بطريقة متوازنة. فالمقاولة تنتج سلعا و خدمات مختلفة عبر "شرائها" لخدمات اليد العاملة إضافة إلى مواد و خدمات أخرى مقابل توزيعها للدخل المحصل من بيع تلك المنتجات على كل المشاركين في عملية الإنتاج من أجراء أبناك إدارات عمومية موردي المواد الأولية إلخ. لذلك يساوي الإنفاق الكلي للبلد الدخل القومي نظريا, و الذي يخصص جزء منه للاستهلاك الوطني و الباقي يذهب إلى الادخار بمختلف أنواعه.
فلا يمكن الحديث عن اقتصاد بمفهومه المعاصر دون وجود سوق يتبادل من خلالها ملايين المستهلكين و المنتجين السلع و الخدمات المختلفة, فعلم الاقتصاد يدرس كل ما يتعلق بعملية إنتاج توزيع واستهلاك الثروات. لذلك الفرد الذي ينتج لنفسه فقط لا يدخل أساسا في دورة الاقتصاد.
3. تكلفة الفرصة البديلة
تكلفة الفرصة البديلة أو الضائعة تساوي التضحية نسبة إلى الربح المحتمل, فكلما تجاوزت القيمة المالية لترك شئ معين مقابل إختيار شئ آخر إلا و كانت تكلفة الفرصة البديلة مرتفعة. فإذا اختار لاعب كرة قدم مثلا التعاقد مع نادي رياضي مقابل 2 مليون دولار في السنة عوض تدريب ناد آخر بمقابل 4 مليون دولار في السنة, فكلفة فرصته البديلة في هذه الحالة تساوي 2 مليون دولار أي أنه كان من الممكن أن يقبض ضعفي المبلغ في التدريب عوض اللعب. لذلك, حتى المواطن العادي يقوم يوميا بحسابات اقتصادية ولو في ذهنه من أجل تحديد الاختيارات المناسبة لكون الموارد محدودة و نادرة.
4. الفرد يفكر بعقلانية و بالهامش
يعتبر الاقتصاديون أن الأفراد العقلانيون غالبا ما يفكرون بطريقة أطلق عليها الحدية أو الهامش, فصاحب شركة مثلا سيحسب الكلفة الهامشية لإطلاق أي منتج جديد و سيقارنها بالربح الهامشي قبل البدء في عملية الإنتاج فإذا كانت كلفة إنتاج سبيكة إضافية واحدة من الذهب تكلف 3000 دولار وسعر السبيكة في السوق لا يتعدى 2000 دولار, فصاحب شركة إنتاج الذهب سيقرر عدم القيام بإنتاج إضافي للذهب مادام الإنتاج سيكلفه أكثر من سعر البيع؛ فليس من المنطقي شراء آلة لإنتاج الذهب بمبلغ كبير من أجل إنتاج عدد قليل من الأونصات الذهبية, و لهذا تعتمد الشركات خاصة الكبيرة على اقتصاد الحجم لتقليل كلفة الوحدة.
تعليقات
إرسال تعليق